أُعتُبرَ الطب الروحي على مدار السنين أحيانا واجهة
مستقلة و غالبا بديلة للعلاجات الحديثة ، لما ينطوي عليه من طرق يصعب التعامل
معها كمادة علمية أو إيجاد صيغة عقلانية مبسطة لها. لكن واقع التطبيب
الروحي و النتائج المترتبة عنه صارت تؤكد إيجابيته و ضرورته و نديته في
تقديم العلاجات لجميع الأمراض بما فيها العضوية و النفسية.
إن الطب الروحي منظومة علاجية ترتكز على
طرفي العلاج و هما المعالج والمريض.إذ يحتاج المعالج إلى مؤهلات و
مهارات يستمدها من تكوينه الديني و الروحي و النفسي والعلمي. فبغض النظر عن الإطارات
المرجعية التي أصّلت و شحنت مفاهيم الطب الروحي منذ القدم و في مختلف أرجاء
العالم يبقى الحس الفطري والديني هو المسيطر على ممارسات وطقوسات المعالجين
في مختلف التطبيبات والعلاجات التي يقدمونها. و عليه يظل الطب الروحي
مشدودا إلى العالم الميتافزيقي بكل سُلطه ومؤثراته الفاعلة وشخوصاته، و التي لا
يمكن أن ندركها إلا في إطار منظومة إسلامية دقيقة ومركزة تعطي لكل فاعل
ميتافزيقي دوره و نطاقه ، و بالتالي تحدد مجالات و محيطات تأثيره. و قصدُنا
، في هذا السياق ، هو طاقات و قدرات الروحانيات المسلمة في الكشف عن الأمراض و
توصيفها و علاجها .
إن الطب الروحي لدى معهد دار الحكيم ليس ممارسة إيحائية و إنما هو تعـامل
فعلـي و صريح مع الروحانية في الكشف عن الأمراض و تشخيصها
و تقديم العلاجات لها بطرق ربانية نظيفة شرعية و ناجعة ..بعيدة عن الشعوذة
و ما تحفل به من أساليب تتنافى مع الشرع من حيث أصلها
وطبعها ومواد عملها.
كثيرة هي الأمراض التي يفرض عليها العلم الحديث أن
تصنف في إطار علم النفس أو بالأحرى يصطلح عليها أمراضا نفسية , لكنها في
الأساس نتاج مباشر لما يُُعتَمل في الذات الإنسانية من تداخلات و تفاعلات روحانية
، تَسَبب فيها الجن ( كالمس و الصرع و القرين و
القرناء و التابعة و أم الصبيان ،، ) أو خلفها
السحر ( كالخيالية و التوهم و النسيان و العقد
و الرباط و الثقاف و الترجيم و الإرسال و التسليط ..)
. و كما أن لهذه الأمراض وصفها و أعراضها العضوية الواضحة ، فلها أيضا
تداعيات عائلية و إجتماعية و محيطية ، لا يمكن فهمها إلا في ذات السياق
الروحاني السابق .
من هذا المنطلق و بمفاهيم شرعية دقيقة يعمل معهد دار
الحكيم على تقديم علاجاته و حلوله للمرضى في جميع أنحاء العالم . و هو بهذا
يسير في نفس المسار و التقليد الروحي و المهني الذي أسست له الزاوية
الأم منذ عقود طويلة .
و تأتي فكرة الموقع من أجل شرح هذا الجانب التصوري
الخاص بتوجه المعهد ، و أيضا لتعزز إمكانات التواصل مع العملاء
و الطلبة و المريدين في العالم بأسره ،
دأب معهد دار الحكيم على مدار التاريخ و من خلال عطاءاته الروحية و الصوفية على تجديد المفاهيم و آليات التواصل و التعامل مع
الحقل الروحي بشتى ضروبه..و لقد كان همه الرئيس في كل ذلك هو تقديم
الأفضل
للمريدين والطلبة و المرضى و العملاء...و في هذا الجانب يلتزم
المعهد بعدة طرق في التداوي تتمثل اساسا في :
الكشف الروحي
: و هو الطريقة المثلى للوصول إلى الأمراض
و الوقوف على أسبابها . و يتم ذلك عن طريق المنادل النفسية و
الإستحضارات و الإستنزالات ، بالإعتماد على بيانات المريض و سؤال
الروحانيات عنه . و تزداد ثقتنا بجدوى و فاعلية هذه الآلية
لما توفره من شروحات دقيقة و تحليلية
بخصوص الأمراض الروحية و النفسية ، و أيضا لما تقدمه من معلومات دقيقة
لتحديد الكثير من الأمراض العضوية
و كيفية تطبيبها ، حيث كثيرا ما أحالت على علاجات ناجعة للأمراض
المستعصية كالعقم
والعجز الجنسي والسكري والسرطان الخ ..
الرقية
:
وهي سنة و تقليد نبوي معتمد ضمن
آليات
الزاوية في تشخيص الأمراض الروحية و علاجاتها، إذ تعتمد على القرآن الكريم
و الأحاديث النبوية الخاصة بالتصريع وحرق الجان و إبطال السحر.
الكتابة الروحانية
: و هي روح العلاجات المقدمة
في المعهد باعتبارها الأكثر تأثيرا و فاعلية.
و هي إما
: أوفاق وجداول أو أسماء
و أوراد أو رسوم ونقوش وطلاسم أو حياكات معينة تخص الفلك أبراجا و كواكبا . و لطالما شكلت الكتابة الروحانية حساسية عند البعض
إما لعدم الفهم أو لبس فيه او لاعتمادهم طرقا مذهبية أو طائفية مخالفة..لكن ما تأكد
أن الكتابة الروحية وسيلة لا غنى عنها ما دامت محكومة إلى الطرق الشرعية
ولا تخالف العقيدة كفكرة أو مادة في التداوي.
إن الحاجة إلى الكتابة
الروحية تنطلق من جاجتنا إلى فك لغز و أرصاد الكثير من الأسحار والتساليط
الروحانية، و بالأخص تلك التي تُبنى على محاور التنزيل والإسقاطات الطوقية
كالسحر الأسود و الأحمر والأوفاق الشيطانية. إذ لا يمكن إبطالها أو فكها
إلا من خلال علاج روحاني واع بالمادة السحرية و قادر على تفكيك
بنائها الرصدي و شفيراتها و طلاسمها و مختلف تجلياتها.
التداوي بالاعشاب
: يُعْنى هذا التخصص بالأمراض
العضوية ، و هو شامل لمجموع التركيبات و الخلطات و الخلاصات
العشبية و النباتية التي يتم توصيفها للمرضى بعد التشخيص. و قد حرص المعهد على تسخير مجموعة
من خيرة طاقاته لإثراء هذا المجال ، بحثا و دراسة و علاجا ، حتى نقدمَ البديل العلاجي
المطلوب ، في إطار مزاوجة علمية بين الموروث التقليدي
بمختلف أسراره ، و ما وصلت إليه الأبحاث الحديثة في مجال الطب
البديل .
هذه باختصار تعريجة بسيطة حاولنا من خلالها مقاربة
بعض مواد و آليات العلاج لدى معهد دار الحكيم للطب الروحي .