بـــدايـة
:
إن لغز العالم الروحاني يفرد نطاقاته لأسئلة تُعتَمَل على الدوام في ذهن و نفسية
أي إنسان. فبغض النظر عن العقيدة و المرجعية المؤطرة لهذا الإنسان هناك حس فطري
يفرض نفسه بقوة و لو في فترات معينة بوجود عالم آخر يتسم بالغرابة وعدم
الوضوح. لكن ديننا الاسلامي أبان في أكثر من موضع عن حدود هذا العالم و الخط
الفاصل الذي يميزه عنا كشخوصات و مثولات حسب التعبير الأنطلوجي. و في سياق آخر
تعمَّد - فلاسفة الإسلام وغيرهم من أعلام مذاهب التصوف- القول بإعتبار ما هو روحي
و ما هو إنساني عالما واحدا يتصف بالتوحد والتكامل والإنصهار المطلق, فقالوا أن
العالم الانساني لا يمكن أن يحقق إمتلاءه الكوني بمعزل عن العالم
الروحاني.حتى أن إابن عربي نادى بوحدة الوجود بل ذهب إلى القول بأن كل حركة
انسانية مصدرها روحي و فعلها روحي ونتيجتها روحية. إن عالم الأرواح و الجن
وغيرها مما هو واجهة مطلقة لأي نمط ميتافزيقي، يتسم دائما بالغموض و الغبش
ويبدو في غالب تجلياته غير منطقي او معقول. الأمر الذي يثير لدينا حسا فضوليا
و رغبة ملحة بضرورة الكشف عن خباياه وترتيب عناصره حتى تصبح مستساغة و مقبولة
ذهنيا. من هذا المنطلق دأب معهد دار الحكيم للطب الروحي على تأهيل معالجيه
وخلق إستعدادات نفسية لديهم للتعايش مع هذا العالم الروحي وخلق علاقات وصلات
على مستويات ومراحل متباينة.و هذا التأهيل لا يتم إلا من خلال رياضات روحانية
أساسها الذكر الرباني و التقولى و الخلوات والإعتزال والتقشف ونكران
الذات والتجرد من الأوهام و الخيالية و الإنصرام من ضغط العالم الدنيوي بكل أفراحه و أحزانه. و بالتالي يمكن السمو
لمعانقة هذا العالم مع كل أسراره. إن هذه
الشروط و المراحل التي يتبعها أي معالج في معهدنا هي الكفيلة والقناة نحو
التعامل مع الجن و الأرواح بلغة مادية محضة بعيدة عن الوهم و إختلاق الصور.
إن التعامل مع الجان و ملوكهم و قبائلهم في إطار شرعي سيشحذ همة أي معالج و يثبت
إيمانه ويجعله يشهد فعلا و واقعا عظمة الخالق سبحانه وتعالى. في إطار هذه
الجدلية المعقدة التي تفرضها علينا مهنتنا و كذا معايشتنا لعالم الأرواح ، نجد أنفسنا ملزمين
- و تحت دافع المسؤولية - بتقديم
أفضل العلاجات الروحانية للمرضى
الذين يقصدون معهدنا من قريب أو بعيد. و من هنا تمكنا - على نحو متميز -
من خلق تحصين كبير هو
الأقوى و الأفضل فعالية وتأثيرا في العالم . هذا العمل هو نتيجة توليفة
توافقية بين الجدول السيني العظيم و الحزمة الثيمية الرهيبة التي أخذت منا
عناء سنوات في سبيل تركيزها و تركيبها في البناء الرصدي و الطوقي للتحصين .
لهذا الإعتبار و غيره ، حقَّ أن نقول أن الجدول السيني أعظم إنجاز تحصيني
في الوجود ، شامل لثيمات القبول و المحبة و العز و الرفعة و الوجاهة و
البهتة و قهر الأعداء .